.๑. My SMS .๑.
"و لتبدأ مغامرة الحياة . . "

18.7.08

الحادثة الأولى / ~ الذرة وصندوق التبرعات !

بالأمس القريب وضعت في المدونة عبارة " ازرع جيداً / لتحصد ما تسعد به غدًا " ...
في الحقيقة لم أضعه هكذا بلا مبرر .. فلذلك حادثتان .. بل ربما أكثـر ...
لكني سأذكـر منا اثنتين..

الحادثة الأولى:
أنني كلما أذهب إلى المركز القريب من بيتنا لقضاء بعض الحاجات، تصر أختي الصغرى–وهي التي لم تتجاوز السابعة من عمرها - حينما تكون معي أن أشتري لها الذرة من إحدى "الكشكات" الموزعة في هذا المركز الصغير، أحيانًا تقاوم رغبتها بعد أن تتقبل حججي بامتعاض، لكن في أحيان أخرى تغلبني بتوسلاتها وبعنادها وبتهديدها بمقاطعتي وعدم التحدث معي إن لم أنفذ لها ما رغبت به.
رفضي للشراء في كل مرة يأتي لعدة أسباب...
منها .. أنه لا يجب عليها أن تعتاد على أن تحصل على كل ما ترغب به نفسها..
ثانياً: بالإمكان عمل ذلك في البيت، مضمون صحيًا أكثـر / و بالكمية التي تريد..
طبعاً لا أقصد حرمان الطفل مما يحب / ولكـن الذي أعنيه الموازنة...
وفر له ما يحتاج ولكن أيضًا في حدود المعقول.. فإن توفر كل شيء أمامه اليوم فغدًا لن يكتفي بالقدر نفسه، بل ستزداد طلباته وسيطلب كل ما ترغب به نفسه وإن بدت حاجة بسيطة، وجودها كعدمها واحد...
في إحدى المرات... وقبل أن نهمّ بالخروج طلبت مني شراء الذرة، فوقفت وصمتُ لبرهة.. وهي تنتظـر أن ألبي الطلب كما أفعل في أحيانٍ كثيرة ..
فقلتُ لها: ما رأيكِ أن تتبرعي بتلك الخمسة دراهم للفقراء، و أشرت لها بالرجل الجالس في الزاوية والذي يستقبل التبرعات في "كشك" صغير...
بدت مترددة لأول وهلة، ولكني أقنعتها وشرحتُ لها - باقتضاب وبأسلوب يناسب سنها- أوضاع أطفال كثر في العالم محرومون من أبسط أساسيات الحياة، فأخذت بعدها الدراهم الخمسة وتوجهت نحو الصندوق لتضع فيه ما تمسكه بأناملها الغضتين.

ومرت على هذه الحادثة فترة من الزمن، إلى أن جاء يوم كنا أنا وهي في نفس المكان، وبينما نهم بالخروج، قالت لي: نسينا شيئاً مهماً ..
فاستغربت وبادرتها بالسؤال ماذا نسينا؟
قالت لي: أعطيني خمسة دراهم / فقلت : ذرة ..؟؟
فهزت رأسها بالنفي ..
وبعد أن أعطيتها ما تريد وقفت في مكاني / أنظر إلى أين ستكون وجهتها وماذا ستفعل ؟
فإذا بها تذهب بتلك الدريهمات لتتبرع بها في ذلك الصندوق الذي تفصلنا عنه أمتار قليلة..

لا أعلم أي شعور انتابني في تلك اللحظة / أو أية أحاسيس راودتني وأنا أنظـر إلى يديها الصغيرتين لتضع ما كانت يوماً تشتري بهما ما تستلذ به نفسها / واليوم .. تضعه في صندوق لا تعرف إلى أين سيذهب أو لمن ..ولكنها تعلم أنها سترسم بهجة في قلوب من يصلهم ..
حينما اقتربَتْ مني / استقبلتُها بابتسامة و قمت بتقبيل رأسها وبتحفيزها ببضع كلمات إطراء .. وهممنا بالخروج ...
ولكن كلانا سعيدتان هذه المرة بما حدث ..

لا أنـكـر أنها في بعض الأحيان تطلب مني إلى الآن شراء الذرة ... / ولكـن في الوقت نفسه تتذكـر أغلب الأحيان بالتبرع ... وإن نست أذكرها / وإن نسيتُ تذكرني ...

قد تكون عبارتي لها في أول مرة لسببين في الوقت نفسه : لتقلل من شراء الذرة وإزعاجي بتلك الطلبية الدائمة / وثانيها لأعلمها بأن هناك غيرها لا تتوفر لهم حتى شربة ماء صافية في اليوم ..
وقد تناسيت ما قلت لها / ولكن العبارة ترسخت في ذهنها / ولم يغب عن بالها ...
لهذا / أحياناً قد ننصح ونوجه ونتعب في إيصال ومن ثم ترسيخ ذلك في عقولهم، ولكن لابد من ذلك ...
فالحصاد الجيّـد يبدّد كل ما شعرنا به من تعب وإرهاق ..
،،
،
،
لي عودة لاستكمال الحادثة الثانية ..
،

دمتم بخيـر / دمتم وأنتم تحصدون ما زرعتم بجهدكم ...
،
،

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

عزيزتي..
صدقت في الحكمة التي سقتها في نهاية موضوعك الجميل..

شكرا لعرضك الجميل =)